عراقية للنخاع المديرة العامة
عدد المساهمات : 440 نقاط : 1103 تاريخ الميلاد : 26/06/1973 تاريخ التسجيل : 25/04/2011 الموقع : بغداد العمل/الترفيه : طالبة جامعية المزاج : هادئ
| موضوع: حكم سب الصحابة أو آل بيت النبي -صلى الله عليه وسلم- بصورة عامة: الإثنين نوفمبر 25, 2013 2:58 am | |
| حكم سب الصحابة أو آل بيت النبي -صلى الله عليه وسلم- بصورة عامة: من يسب أصحاب رسول الله: فإن أعتقد كفرهم وارتدادهم فهو كافر؛ لأنَّه يُخالف ما ورد بهم في نص الكتاب والسنة.
أمَّا في الكتاب، فمثل:
1. قوله تعالى (لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ..) الفتح 18. وكان فيهم الخلفاء الأربعة.
وقد أخبر الله عنهم بأنَّه رضي عنهم، ومن رضي عنه لا يتصور أن يكون كافراً، وهو خبر لا يقبل النسخ؛ لأنَّ نسخه تكذيب للأخبار عن واقع حاصل.
2. قوله تعالى (وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) التوبة 100.
3. قوله تعالى ( ..لَا يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِّنَ الَّذِينَ أَنفَقُوا مِن بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلّاً وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) الحديد 10.
وَوَعْدُ الله لا يمكن أن يخلفه، وسواءاً كان الصحابي أنفق قبل الفتح أو بعده فله من الله الحسنى، ومن له الحسنى لا يمكن أن نصفه بالكفر.
وأمَّا من السنة، فمثل:
1. قوله -صلى الله عليه وسلم- {لا تسبُّوا أصحابي فلو أنَّ أحدكم أنفق مثل أٌحدٍ ذهباً ما بلغ مُدَّ أحدهم ولا نصيفه} رواه الأربعة.
2. قوله -صلى الله عليه وسلم- {أكرِموا أصحابي فأنَّهم خياركم} رواه أحمد والحاكم.
3. قوله -صلى الله عليه وسلم- {الله الله في أصحابي لا تتخذوهم غرضاً من بعدي، فمن أحبهم فبحبي أُحبهم، ومن أبغضهم فببغضي أبغضهم، ومن آذاهم فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله، ومن آذى الله تعالى يوشكُ أن يأخذه الله تعالى} الترمذي.
ومن يسبهم دون اعتقاد كفرهم أو ردَّتهم- فإنَّه آثم؛ لأنَّ {سباب المسلم فسوق} فكيف إذا كان من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فمن يسبهم فهو فاسق يجب عليه أن يندم على ما مضى، وأن يُقلع عن السب، وأن يعزم على أن لا يعود إليه.
أما كراهية أو سب آل بيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فهو كفر لما يأتي:
1. إنَّ الإمام علياً والحسن والحسين هم أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وآل بيته، فهم مشمولون بالأدلة السابقة.
2. من يبغض السيدة فاطمة (رضي الله عنها) فكأنَّما يبغض رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؛ لأنَّها بضعة منه، وهي سيدة نساء أهل الجنة.
3. إنَّ الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة.
4. إنَّ من يوالي ويحب ويُناصر الإمام علياً فكأنَّما يُناصر النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم- {مَن كنت مولاه فعليٌّ مولاه، اللهم والِ من والاه، وعادِ من عاداه} رواه أحمد.
5. من يسب أو يكره أو يُكفِّر آل البيت فإنَّه يتجاوز عليهم وكأنَّه يكره رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وكرهه كفر.
هذا بصورة عامة.
ثانياً- سب معاوية:
لا شك أنَّه كان أحد الصحابة، ومن كُتَّابِ الوحي، وعدم مبايعته للإمام علي كان خطأً وباجتهادٍ منه، وما حدث من فتنة بسبب ذلك فإنًَّ الإمام علياً لم يُكفِّرْه ولم يسبه، بل قال "إخواننا بغوا علينا" ولو كان كافراً لما قال عنه (إخواننا)؛ لأنَّ الله يقول (إنما المؤمنون إخوة) الحجرات 10.
فمن يسبه فهو مشمول بما ورد بالأدلة السابقة في التوصية بالصحابة الكرام.
وقد صلَّى الإمام علي على قتلاهم، وقام بدفنهم، كما صلَّى على أنصاره ودفنهم، ولم يُرْوَ عنه ولا عن آل البيت جميعاً أن لعنوا أحداً أو سبوا أحداً، بل هم أهل الرحمة على جميع الناس، ولا يحقدون على أحد، غضباً شخصياً ولا لأنفسهم اقتداءً بجدِّهم، بل يغضبون إذا انتُهكت محارم الله فقط، ثم تلك أمة قد خلت لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت والحساب عند الله.
فبدلاً من سبهم نذكر الله تعالى ونفكِّر في مشاكلنا الحالية لنعالجها، ونفكِّر بالوسائل التي توحِّد المسلمين ضد المحتلين والكافرين على اختلاف مذاهبهم، فهؤلاء يبتغون الفتنة وشق صفوف المسلمين.
وآل البيت هم أسمى من أن ندافع عنهم أو ننصرهم الآن بعد رحيلهم عن الدنيا، بل نترحم عليهم ونسلم عليهم في قبورهم، وندعوا الله أن يثبِّتنا على الحق ونصرته كما ثبتوا.
فعلينا أن نتخذهم قدوة فهم لا يرضون أن يسب أحدٌ مسلماً، فضلاً عن الأصحاب؛ لأنَّهم أهل لتحمل الأذى، وصمدوا أمام الأعداء حتى استشهدوا.
فمن الخطأ أن نُعيد ما جرى عليهم من فتن ومأسٍ محزنة، بل يجب أن يُطمس ذلك التاريخ الأسود، وأن نشتغل بالتاريخ المعاصر لهذه الأمة.
وكأَنِّي بآل بيت رسول الله الذين تربوا على العفو والصفح أن يعفوا عمن ظلمهم في الآخرة، كما كانوا يعفون عنهم في الدنيا، ويبقى من يسب أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في وجه أسود يوم القيامة.
فاتركوا سلفنا الصالح يتحاورون بينهم ويحترم بعضهم البعض، ويعفو المحسن منهم عن المسيء، ومواقف الإمام علي -كرم الله وجهه- مع مَن سلفه كانت مواقف شرف وعزة واحترام.
ولو كان معاوية يستحق اللعن لما وَجَّه إليه الإمام علي الرسالة الآتية التي وردت في نهج البلاغة (ص446 طبعة بيروت)، وهي:
"إنَّه بايعني القوم الذين بايعوا أبا بكر وعمر وعثمان على ما بايعوهم عليه، فلم يكن للشاهد أن يختار، ولا للغائب أن يرد، وإنما الشورى للمهاجرين والأنصار، فإن أجمعوا على رجل سموه إماماً كان ذلك لله رضا، فإن خرج عن أمرهم خارج بطعن أو ردة ردوه إلى ما خرج منه، فإن أبى قاتلوه على إتباعه غير سبيل المؤمنين وولاه الله ما تولى" ولم يقل إلعنوه، فهم لا ينتصرون لأنفسهم بل لدين الله تعالى، ولم يرد عنهم السب والشتم، بل تركوا الأمر لله وحده، فهم لا يرضون بأصحاب العاطفة عليهم على حساب سلف الأمة، والتاريخ يشهد بأنهم لم يصدر منهم سب ولا تجريح، بل مطالبة بالحق ورعاية الأمة، فمن خالفهم في هذا الاتجاه فهو مدفوع من وراء حدود المسلمين، الذين يتخذون محبة آل البيت وسيلة لتفرقة المسلمين.
أما القول بعدم معرفة فضلٍ له: فإنه يكفيه ما ذُكِرَ من أنه صحابي وكاتب للوحي.
ومع ذلك: فـتلك أمة قد خلت، لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت، وليس من مصلحة المسلمين اليوم أن يثيروا مشاكل مرت وصارت في عداد الماضي ويشغلنا بذلك عن جُلِّ مشاكل الأمة اليوم، فهي أولى بالانشغال بها، وما جرى من خلاف سابق ينبغي أن لا ينعكس على الأمة الإسلامية الآن ولا على وحدتها أمام العدو الغاشم المحتل للأوطان والأموال والأفكار.
والله ولي التوفيق
أ.د. عبد الملك عبد الرحمن السعدي
| |
|